الوصف
ليست القصص التي يحتويها كتاب زكي بيضون، “شلال يتدفق في نفسه” (دار الجمل)، قصصاً “غرائبية” بحسبما جاء في وصفها فوق غلافها. إذ أنها، ومع تتبع تشكيلها، تبدو مألوفة، وغير مسرودة سوى لتثبت العكس، لكنها، سرعان ما تفصح، ومن تلقائها، عما يجعلها دائرة في حدودها المتوقعة.
فإحداها، وعنوانها “في النقطة”، توجز ما يسبقها ويلحقها من قصصٍ، بحيث تشير إلى وقوع الناطق بها في حاله، التي لا يقدر على مبارحتها، وكلما حاول ذلك، تحمله طريقته إلى التدهور ثم التلاشي: “لا أستطيع الخروج من نفسي ولو حتى لأتخيل الفضاء حولي”. لذا، لا تجيء كتابته لتعينه في النفاذ من “نقطته” بل أنها تحل، أولاً، لتعيِّن داخلها، وثانياً، لتصلبه فيها، وثالثاً، لتجعله يظن أنها تسحب كل ما يقع خارجها نحوه. بالتالي، تظهر الكتابة استدخالاً، وسردها مزاولة له، فممارسها يثبت في قعره، مدركاً أن لا مناص له من إدخار فواته كآخر المتوفر له: “أقول لنفسي إن أهم شيء الآن هو أن لا أفوت لحظاتي الأخيرة”.